قال عميدُ كلية الفنون والتصميم، الدكتور جهاد العامري، إنّ المبادرةَ تعكسُ قدرةَ طلبتنا على رؤيةِ الجمالِ في الأشياءِ القديمة وتحويلِها إلى قطعٍ فنيّةٍ مبتكرةٍ تليقُ بعرضِها في أرقى المعارض، لافتًا إلى أنّها تُعَدُّ نموذجًا يُحتذى به في الجمعِ بين الفنِّ والوعيِ البيئيّ، وتنسجمُ مع رسالةِ الجامعةِ في خدمةِ المجتمع.
وأوضحت الدكتورة هيفاء بني إسماعيل أنّ مشروعَ المبادرةِ يتجاوزُ كونه تجرِبة فنيّة؛ فهو يُرسِّخُ ثقافةَ إعادةِ التدوير كنهجٍ مجتمعيّ، ويُعزِّزُ وعيَ الطلبةِ بدورِهم في حمايةِ البيئة، مؤكّدةً أنّ الأعمالَ التي خرجت من تحت أيدي الطلبة جسّدت إبداعًا أصيلًا ورسالة بيئيّة راسخة.
فنٌّ يُعانقُ الاستدامة
لم تكن الأعمال الفنيّة مجرّدَ قطع أثاثٍ مُتجدّدة، بل رسائل بصريّة تروي قصصًا عن وعيِ الطلبةِ بقيمةِ الاستدامة، وترجمة حيّة لتوجّهاتِ الجامعةِ الأردنيّةِ في دمجِ الفنِّ بالتنميةِ البيئيّة، ما جعل من المبادرةِ شاهدًا حيًّا على قدرةِ الشبابِ الجامعيّ في تحويلِ التحدّياتِ إلى فرص، وتجسيدًا عمليًّا لرؤيةِ جلالة الملكة في بناءِ مستقبلٍ أكثر وعيًا وجمالًا.
وقد جاء تنفيذ المبادرةِ على أربعِ مراحل، كانت المرحلة الأولى إعادة تدوير أثاثٍ عتيق وألواح خشبيّة، وعرضه في معرضٍ فنيّ بعنوان: “من المُهمل إلى النّفيس”، أمّا المرحلة الثانية فتمثّلت في تحديثِ الممرّات وإعادة تدوير الأثاث في عمادة البحث العلميّ في الجامعة، بالتعاون مع مختلفِ الدوائر الفنيّة.
وجاءت المرحلة الثالثة في تحديثِ قاعة الاجتماعات في مبنى عمادة البحث العلميّ، بالتعاون مرّة أخرى مع دوائر الجامعة الفنيّة، فيما تجسّدت المرحلة الرابعة بإنتاج نحو 40 عملًا فنيًّا باستخدامِ الأخشابِ المُهملة والقطعِ المعدنيّة لتزيينِ جدرانِ الجامعةِ وقاعاتِها بأسلوبٍ عصريٍّ يدمجُ الجمالَ بالرسالةِ البيئيّة.
أعمالٌ طلّابيّةٌ تتألّق
شكلت الأعمال الفنية التي نفذها الطلبة تجرِبة تعليميّة متكاملة انعكست في وعيِ الطّلّاب البيئيّ وفهمهم العميق لقيمةِ الاستدامة. ومن أبرزِ هذه الأعمال ابتكار وتنفيذ لوحة جداريّة خشبيّة للطالبةِ جنى حيدر، تعتمدُ التكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ لصياغةِ عملٍ فنّي يمزجُ بين المهارةِ اليدويّة للطالب وذكاء العصر الرّقميّ، ما عكس إدراكها لأهميّة الدمج بين الإبداع والمعرفةِ البيئيّة. كما أنجزت الطالبةُ دانيا الرفوع لوحة جداريّة هندسيّة تجمعُ بين الزخارفِ التقليديّة والألوانِ العصريّة، مانحة العمل بُعدًا بصريًّا مميّزًا، يُجسّدُ وعيَها البيئيَّ من خلال إعادةِ إحياء الموادّ المُهملة بأسلوبٍ فنّي مبتكر.

طموحٌ مستقبليّ
وأكّدَ الدكتور جهاد العامري أنَّ الكليّةَ تعملُ على صناعةِ جيلٍ من الفنّانين القادرين على تركِ بصمةٍ مستدامة، مع خططٍ طموحةٍ تشملُ أيّامًا ثقافيّةً مفتوحة، ومؤتمراتٍ دَوليّة، واستضافة فنّانين مؤثّرين، إلى جانب تنفيذ مراحل جديدة من المبادرة، لتظلَّ كلية الفنون والتصميم قبلة للثقافة، ومصدرًا لإنتاجِ الوعيِ الفنّي وصياغةِ الهُويّةِ الإبداعيّة.
منصّةٌ تعليميّة وإبداعيّة
وجديرٌ بالذّكر أنَّ مجملَ الأعمال الّتي نفّذها الطلبة من خلال المبادرة لم تُجسّد استفادتَهم على المستوى الفنّي فقط، بل أسهمت أيضًا في تعزيزِ وعيِهم ومعرفتِهم البيئيّة، ما يجعل من المبادرة منصّة تعليميّة وإبداعيّة تدمجُ بين الفنِّ والعلمِ والبيئة.